التنوع الحيوي الغابي في الأردن

تعاني الغابات في العالم من ضغوطات هائلة, حيث أن تقلص الغطاء الحرجي في العالم آخذ في التسارع بمعدل ينذر بالخطر وبسرعة تتجاوز قدرة الطبيعة على تعويض الخسارة, إن لإزالة الغابات أثرسلبي مباشر وغير مباشر على الأنظمة البيئية مما يهدد الفائدة الإقتصادية والروحية والترفيهية والثقافية التي تقدمها الطبيعة للإنسان, ومن أكثر الآثار المدمرة هي التغير السلبي وغير الرجعي في التنوع البيولوجي بسبب تدمير الموائل الطبيعية لكثير من أصناف الحياه البرية التي تثري النظام البيئي على كوكب الأرض. إن غياب الأشجار سيؤدي إلى تدمير التنوع الجيني مما يؤثر وينتج خسارة دائمة في أنواع نادرة ومختلفة من النباتات والحيوانات والحشرات والمايكروبات.

كما تعتبر إزالة الغابات السبب الرئيسي في تغير المناخ العالمي وكذلك في إنبعاث الغازات المسببة للإحتباس الحراري, أيضاً فأن إزالة الغابات تقلل من جودة التربة مما يسبب تآكل التربة والفيضانات. وعلاوة على ذلك، شهدت المناطق التي أزيلت فيها الغابات زيادة في الجفاف والملوحة في التربة مما أثر على الزراعة سلباً, كما أنها تؤدي إلى حرمان المنطقة من الظلال التي تعمل على تلطيف الجو نهاراً وتحفظ الحرارة والرطوبة ليلاً, هذا الإضطراب يحدث تقلبات أكثر تطرفاً في درجات الحرارة التي يمكن لها أن تكون ضارة للنباتات والحيوانات والتنوع الحيوي بشكل عام, وكل هذه الآثار السلبية والمدمرة لإزالة الأشجار سيؤثر على مستوى معيشة كل مواطن.

الغابات في الأردن

تشهد الأردن تحولات هائلة في كافة المجالات ومنها مجال البيئة، حيث تمثل الصحراء جزءاً كبيراً من مساحتها بينما تمتلك مساحة حرجية محدودة جداً بواقع 0.9٪ فقط من مساحة المملكة, وتمتد من وادي اليرموك شمالاً وحتى مرتفعات الشراه ووادي موسى جنوباً. ومن المؤسف أننا في الأردن فقدنا حوالي ثلث غاباتنا الطبيعية خلال الثلاثين سنة الماضية وبواقع 1.6% سنوياً, ولكي نوقف هذا النزيف ونعيد حالة الإنسجام ما بين الطبيعة والإنسان ينبغي إعادة النظر في المنظومة الغابوية للمملكة.

تعتبر الثروة الحرجية إرثاً وطنياً وثروة من الثروات الوطنية الواجب الإستثمار فيها, فبالإضافة إلى القيمة الروحانية والثقافية والبيئية للغابات، فإنها تخلق فرص إقتصادية عديدة سواء من خلال إيرادات السياحة البيئية أومن خلال المنتجات التي يمكن أن تقدمها الغابة والتي تعتبر أيضاً جزءا من إرثنا الوطني, كما أن القيمة الإقتصادية البيئية المرتبطة بالدور الحيوي للغابة والمتصلة بزيادة نسبة الأكسجين في الجو ومستوى الرطوبة وغيرها لها إنعكاس إقتصادي مباشر, حيث أنها تساهم في تخفيض كلفة التدهور البيئي والتي تصل إلى حوالي 5% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة  وبما يعادل 850 مليون دينار سنوياً.

أنواع الغابات في الأردن

تقدر مساحة الغابات الطبيعية والصناعية والغابات ذات الملكية خاصة في الأردن نحو 378000 و 460000 و 60000 دونماً, وحسب المركز الوطني للبحوث الزراعية فإن هنالك هنالك خمسة أنماط للغابات في الأردن كما يلي:

1. غابات العرعر الفينيقي: تتواجد في البتراء ومنطقة رأس النقب وقمم جبال رم , وتظهر الدراسات أن عمر بعض الأشجار يصل إلى حوالي 700 سنة.  

2. غابات السنديان (البلوط مستديم الخضرة): تنتشر في جرش وعجلون والشوبك ودابوق وضانا ووادي الصفصاف.

3. غابات الصنوبر الحلبي: توجد في محمية غابات دبين وتجمعات ثانوية في عجلون وماحص والفحيص وسوف وزي.

4. غابات الملول (البلوط العقابي): وهي الشجرة الوطنية للأردن وتنتشر في العديد من مناطق المملكة وتصل كثافتها حتى70 %.

5. غابات السيال : وتتواجد في وادي عربة وهي ذو الأصول الأفريقية والتي تسربت أثناء تشكل حفرة الإنهدام.

مشكلات الغطاء الحرجي في الأردن

إن المشاكل التي تواجه الغابات في الأردن هي مماثلة للتي تواجهها بلدان البحر الأبيض المتوسط ​​الأخرى, حيث يعتبر الرعي والتحطيب الجائرين من ألد أعداء الغابات في الأردن حيث أن هنالك ضعف في الوعي العام  بأهمية الغابات ويتجلى هذا الضعف في إعتداءات مناشير المواطنين على  أشجار تصل أعمارها إلى مئات السنين، وهذا الإعتداء لم يكتفي بكافة غابات المملكة بل طال الأشجار على جوانب الطرقات! ومما زاد المشكلة سوءاً هو تجاهل تطبيق القوانين التي تحمي الغابات  مما ساهم في  إنخفاض المساحة الغابوية بشكل كبير في الأردن.

كما تهدد الغابات في الأردن العديد من الأخطار أهمها تعاقب سنوات الجفاف وخاصة مع تأثير التغير المناخي سلباً على الغطاء الحرجي في المملكة, كما تشكل الحرائق مشكلة رئيسية خاصة للغابات الصنوبرية, حيث يقوم أصحاب الملكيات الخاصة الواقعة في داخل حدود الغابات بالتخلص من مخلفات مزارعهم  وحرقها في تلك الغابات مما يسبب في كثير من الأحيان الحرائق. إضافة إلى ذلك فإن الغطاء الحرجي يواجه تهديد المشاريع الكبيرة التي لا تراعي المناطق الحرجية ويعتبر إقامة مشروع دبي كابيتال على أراضي غابات دبين قبل أعوام خير مثال على ذلك.

أهم التدابير لحماية الغابات وإعادة تأهيلها

إن تحويل المأساة إلى فرصة يحتاج إلى رؤية ثاقبة، وإيجاد حل شامل لمشاكل المشاكل البيئية في الأردن بما في ذلك إزالة الغابات ليست مهمة سهلة. إن الغطاء الحرجي في الأردن في تناقص مستمر ولذلك يجب التعامل معه بشكل شمولي لتكثيف الجهود الوطنية على كافة الأصعدة  من أجل المحافظة عليه وزيادة رقعته وإعطائه أهميته الحقيقية. يجب زيادة وعي الناس فيما يتعلق بحماية البيئة وتقوية إرتباط المجتمعات المحلية بالغابات وإشراكهم  في حمايتها, كما يجب تفعيل تطبيق العقوبات على المعتدين على الثروة الحرجية, ومن الجدير بالذكر أن وزارة الزراعة الأردنية ستنفذ مشروع "مراقبة الغابات والمساحات الخضراء" في المملكة إلكترونياً وذلك لوقف الإعتداءات على هذه الغابات.

يجب على الناشطين البيئين الإنضمام إلى الجهود المحلية والدولية في التشجير ومكافحة تغير المناخ من خلال إنشاء نموذج للغابات في المملكة, مع التركيز على المناطق الجنوبية من البلاد مثل وادي عربة وصحراء جنوب الأردن. كما يجب تبني مشاريع بيئية تهدف إلى الإستغلال الأمثل للأراضي الصحرواية عن طريق إقامة حزام أخضر لمكافحة التصحر بوساطة زراعة الأنواع النباتية الأصلية والمناسبة لطبيعة المنطقة, وذلك لإعطاء النظم البيئية المهددة فرصة للإزدهار مرة أخرى,كما يجب على هذه المشاريع إشراك المجتمعات المحلية في إدارة وإدامة الغابات التي يجب أن تكون نموذجاً لإستخدام الغابات في الأردن لحماية التنوع البيولوجي في البيئات الجافة .

ومن الجدير بالذكر أن من أهم الطرق لمحاربة التصحر هي التعلم من الأجداد حيث عاش أجدادنا قبل آلاف السنين في قلب الصحراء ولكنهم عرفوا كيفية التأقلم والمعيشة والإزدهار في الظروف الصحرواية, حيث أنشأ العرب الأنباط مجتمعاً مستديماً وفر لنفسه الغذاء والحطب والعلف للحيوانات الأليفة والأهم :المياه  .لذلك يجب تبني الري بحصاد الأمطار وتبني مبدأ مياه السيول النبطي ومرافق حصاد الطاقة الشمسية، كما أنه يجب تنظيم عملية الرعي في المنطقة وإعتماد مبدأ البناء بالطين المستمد من وحي الثقافة العربية  لبناء مرافق الغابات.

Tagged , , , , , , , , , , , , . Bookmark the permalink.

About Nura A. Abboud

Nura A. Abboud is an environmental activist and Founder of the Jordanian Society for Microbial Biodiversity (JMB), the only NGO in the Middle East concerning the microbial biodiversity. Nura specializes in molecular biology, biological sciences, microbial biodiversity, genetic fingerprinting and medical technologies. Her vision is to establish an eco-research center in the astonishing desert south of Jordan. She has received several scholarships and awards including honorary doctorate in Environmental leadership.

One Response to التنوع الحيوي الغابي في الأردن

  1. Pingback: لحفاظ على التنوع البيولوجي في الأردن | EcoMENA

Share your Thoughts

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.