يتمتع العراق برقعة مائية شاسعة تبلغ 4.4 مليون دونم, تشتمل بيئات مختلفة تتمثـل بنهري دجلة والفرات وروافدهما وشط العرب والخزانات والبحيرات و الأهوار (المنظمة العالمية للتنمية والزراعة, 1986), إذ تشكل مياه الأهوار والأنهار 70% من المساحة الكلية للمسطحات المائية في القطر وتعد مصدراً مهماً للثروة السمكية. إن أهوار جنوب العراق عبارة عن نظام مائي فريد من نوعه إذ تعد أهوار وادي الرافدين من أكبر المسطحات المائية في الشرق الأوسط وتشغل مساحات واسعة من جنـوبي العراق, ويعتمد بقاء أهوار العراق على النظام المائي لنهري دجلة والفرات إذ تقـع الأهوار في الجـزء الجنوبـي من العراق بين محافظـات البصرة وميسان وذي قار ، وتتكون الأهوار الجنوبية من ثلاثة مناطق رئيسة هي: الأهوار الشرقية المعروفة بهور الحويزة ، و أهوار الوسط المعروفة بأهوار زجري أو أبو علام ، والأهوار الجنوبية المعروفة بشرق الحمار, وتتـراوح مسـاحة الأهوار بـــين 15000 – 20000 كـم2 وأكبر هذه الأهوار هو هور الحويزة الذي يمتد من شمال شرق مدينة العمارة إلى شمال شرق البصرة ومن الأراضي الإيرانية حتى نهر دجلة غربا. تشكل مساحة الأهوار 17% من مساحة العراق إذ تغطي المياه حوالي 3.8 مليون دونم من الأراضي العراقية منها 2.3مليون دونم تغطيها مياه الأهوار.
تعتبر الأهوار العراقية من النماذج الفريدة بجريان المياه العذبة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة ، وتعد من المناطق الغنية بالغطاء النباتي وثروتها الحيوانية من الأسماك والطيور والجاموس . ويتراوح ارتفاع مياه الأهوار من متر إلى مترين تقريباً فوق مستوى سطح البحر وتصل إلى 10 م فوق مستوى سطح البحر قرب الحدود الإيرانية إذ لا يزيد عمق الأهوار عن مترين ولكن في بعض الأحيان يصل إلى سبعة أمتار كما في هور الحويزة.تحتوي الأهوار على أنواع متعددة من الأسماك وبكميات كبيرة لتشكل موردا اقتصاديا مهماً ، إن أهوار الجنوب غنية بأعداد كبيرة وإنواع عديدة من الأسماك إذ تقدر طاقة الأهوار من الإنتاج السمكي بحوالي 60% من الإنتاج السمكي الكلي في العراق خلال ثمانينيات القرن الماضي, وكانت عائلة الشبوطيات Cyprinidae هي الأكثر سيادة في الأهوار وتنتشر الأنواع التابعة لهذه العائلة ذات القيمة الاقتصادية العالية والمعروفة محلياً البني Barbus shrpeyi والكطان Barbus xanthopterus وأسماك الشبوط Barbus grypus وغيرها.
الهدف من الدراسة
- قياس بعض العناصر الثقيلة في عضلات ثلاثة أنواع من الأسماك المصادة من هور الحويزة وشرق الحمار وعلى أساس شهري ومعرفة مدى تلوثها.
- ملاحظة التغيرات الفصلية في تراكم العناصر الثقيلة في عضلات الأسماك المدروسة.
- ملاحظة تأثير التغيرات الموقعية في تراكم العناصر الثقيلة في عضلات الأسماك المدروسة.
- مقارنة نتائج الدراسة الحالية مع نتائج دراسات أخرى.
- إن صيد الأسماك نشاط واسع الانتشار لكن التلوث المحتمل بالمعادن الثقيلة يحد من الاستغلال المستقبلي للاستفادة من كميات الأسماك الموجودة, لذلك فإن الدراسة الحالية تمكننا من بيان الحالة البيئية للمنطقة من خلال دراسة هذه العناصر ومدى تراكمها في الأسماك المدروسة.
تأثير المعادن الثقيلة على البيئة في العراق والعالم العربي
سميت بالعناصر الثقيلة لامتلاكها كثافة نوعية عالية اكبر من 5غم/سم3, وتعرف بالعناصر النزرة أيضا لقلة وجودها في الأوساط البيئية ويصل عددها في الجدول الدوري إلى 38 عنصراً، وهـي تختـلف عـن الملوثات البيئية بتواجدها الطبيعي فـي مكونات القشرة الأرضية (التربة والهـواء والماء) وبنسبة لا تتجاوز 0.1% وهـي ذات تأثيرات سلبيـة وإيجابية للبيئـة.تتواجد العناصر الثقيلة في البيئات المائية بصورة طبيعية وبمستويات واطئة، وتزداد هـذه التـراكـيـز من خلال الفضلات المطروحة من المخلفات الصناعية والزراعية ومياه المجاري وهذه الزيادة تؤدي إلى حدوث تغير في نوعية المياه والإضرار بالأحياء الموجودة فيها إذ إنها أكثر بقاء في البيئة فهي لا تتحلل ولا تتكسر، أن العناصر الثقيلة تتحد مع المواد العضوية وغير العضوية لتكون مركبات مختلفة ومعقدة.
وتتواجد في أجسام الكائنات الحية أيضاً وبتراكيز واطئة جداً وبعضها أساسي لإدامة حياتها مثل عنصر(النحاس, الخارصين، الحديد والمنغنيز), وبشكل عام تكمن أهمية هذه العناصر بأنها تدخل ببناء جزء من مكونات الجسم، كما أن لها دور في تنظيم السوائل الجسمية من خلال التبادل الأيوني والازموزي داخل الخلايا، فضلاً عن ذلك ترتبط العناصر المعدنية بالعديد من الإنزيمات والبروتينات ومنها الهيموغلوبين وهي ضرورية في تحرير واستخدام الطاقة , ولكن ارتفاع أو انخفاض مستوياتـها عـن الحـدود المثـلى يؤدي إلـى حدوث إضـرار فسلجيـة وهلاك تلك الإحيـاء. إذ إن الكائنات الحية لها القدرة على امتصاص العناصر الثقيلـة الذائبة في الوسط المائي عن طريق بعض أنسجة الجسم كالغلاصم والجلد.
وتركزها في الكبد والكلى والمناسل والعضلات مما يؤدي إلى تراكمها بتراكيز عاليه في الجسم .أما المجموعة الأخرى من العناصر الثقيلة فهي غير أساسية ولا توجد لها أهمية بيولوجية مثل عنصر (الكادميوم, الزئبق, الرصاص, الزرنيخ) وتعد هذه العناصر خطرة حتى لو وجدت بتراكيز واطئـة في البيئة وعند زيادتها تؤدي إلى التسمم والـموت فقد أكد على أن مستوى التأثير السمي لهذه العناصر يعتمد على نوع العنصر وتركيزه بالبيئة المائية فضلاً عن وقت التعرض لهذا العنصر.
مصادر العناصر الثقيلة
هناك اختلاف في مصادر العناصر الثقيلة بين الطبيعية الناتجة من الأنفجارات البركانية والحرائق ومصادر النشاط البشري كالمخلفات المنزلية والنشاطات الزراعية المختلفة كالمبيدات والأسمدة الكيميائية أضافه إلى عمليات التنقيب واستخراج المعادن وتكرير البترول ومصانع السيارات والتعدين .
أن مخلفات مصانع البطاريات أحد أهم مصادر عنصري الكادميوم والرصاص في البيئة المائية, ويعد الغلاف الجوي مصدراً مهماً للعناصر النزرة بسبب المد العالي الذي يجهزه من الغبار فبعض العناصر النزرة في الهواء قد يزيد تركيزها أكثر من 1000 مره عن مستواها الطبيعي نتيجة النشاط البشري. أن نهر Kafue في زامبيا يعد أحد الأنهر التي تعاني من التردي واحتمال فقدان التنوع الحياتي بسبب تغير نوعية المياه الناتج من استخدام المبيدات الحاوية على العناصر الثقيلة للقضاء على الطحالب. إن تركيز العناصر الثقيلة في البيئة يمكن أن يزداد نتيجة تحلل الأحياء المائية بعد موتها. فضلاً عن قدرة الرواسب العالية على الاحتفاظ بالعناصر والملوثات وتجميعها في التراكيب المعدنية المختلفة بصورة غير جاهزة, إلا أن التغيرات الكيميائية والفيزيائية كدرجة التفاعل ومستوى الملوحة وتركيز الأوكسجين وتغير جهد الأكسدة والاختزال قد تحفز بدورها انطلاق العناصر لتعود إلى الوسط المائي أي تدخل الدورة الجيوكيميائية من جديد وبذلك تعد الرواسب مصدراً مهما لتلوث المياه.
العناصر الثقيلة في البيئة المائية
تعتمد تجمعات المعادنِ الثقيلة في المياهِ الطبيعيـة عـلى عوامل طبيعـية وغيـر طبـيعية . فالعوامل الطبيعية تكون من خلال عمليات تعرية الصخور أو عمليات غسل التربة التي تسيطر على جاهزية العناصر الثقيلة للماء.أما العوامل غير الطبيعية فتكون ناجمة عن النشاطات البشرية كالفضلات الصناعية والزراعية ومن عمليات تكرير النفط إضافة إلى ما يطرح من مياه الصرف الصحي وفضلات منزلية ان ملوثات الهواء لها دور في تلوث البيئة المائية. أن أغلب الأنهار العالمية والمياه السطحية باتت تحت تأثير نشاطات الإنسان المؤدية للتدهور السريع بسبب التصريف المستمر للمتدفقات الملوثة أذ يعد من أهم مصادر تلوث البيئة المائية بالعناصر الثقيلة وتوجد هذه العناصر في البيئة المائية بصور كيميائية مختلفة حيث يمكن تقسيـمهـا وكما يلي:
العناصر الثقيلة الذائبة في الماء
وهي أيونات العناصر الذائبة أو بعض مركباتها الكيميائية, أو المعقدات العضوية واللاعضويه التي تختلف في جاهزيتها الحيوية وسميتها, وبعضها متصل بالجزيئات الغروية والتي لها القابلية على المرور خلال مرشحات قطر فتحاتها 0.45 مايكرو متر. وإن من أهم العوامل التي تؤثر على ذائبية العناصر وانطلاقها هي قيمة درجة التفاعل للوسط، إذ إن قيمة الأس الهيدروجيني من العوامل المؤثرة في قابلية ذوبان العنصر, وإن ارتفاع وحدة واحدةنحو القاعدية يؤدي إلى خفض قابلية ذوبان كل من النحاس والكادميوم والحديد والمنغنيز بمقدار مئة مرة ويحدث العكس عند انخفاض قيمة الأس الهيدروجيني وحدة واحدة مما كانت علية . وبالتالي فإن تغير قيم الأس الهيدروجيني يؤثر على انطلاق وترسيب العناصر في البيئة المائية.
تأثير العناصر الثقيلة على الأحياء المائية
إن معرفة محتوى العناصر الثقيلة في البيئةِ المائية يساعد على تقيم مستوى التلوث فيها والحد من انتشارها ومعرفة مصادرِها ، فهي تدخل للبيئة المائية عن طريق تعرية الصخور والأنشطة البركانية ورمي المخلفات الصناعية وحرق المنتجات النفطية والوقود. وتمتاز العناصر الثقيلة بعدم القدرة على التحلل والتفكك إلى ما هو أبسط منها وهي بذلك تختلف عن الملوثات الهيدروكربونية ذات التركيب الكيميائي المتغير التي تفقد جزء من صفاتها السامة مع تغير تركيبها الكيميائي, وبذلك يصعب إزالة العناصر الثقيلة من البيئة بسهولة بالعمليات الطبيعية كمعظم الملوثات العضوية . تكمن أهمية العناصر الثقيلة من خلال دخولها في تركيب أجسام الكائنات الحية بتراكيز منخفضة جداً, أغلبية العناصر ضروري لإدامة حياة الكائنات الحية كافة وتؤدي زيادة تركيز هذه العناصر أو انخفاضها عن مستوياتها المحددة إلى حدوث أضرار فسلجية قد تؤدي إلى هلاك تلك الأحياء أو نموها بشكل غير طبيعي. كذلك ترتبط بعمليات النمو والتطور والتكاثر في الكائنات الحية مثل الحديد والنحاس و الكوبلت وغيرها من العناصر التي يمكن إن تكون سامة في حالة زيادتها عن الحدود المطلوبة أو تكون ليس لها فائدة وسامة في نفس الوقت في حالة وجودها بتراكيز واطئة مثل الرصاص, الكادميوم, الزئبق.
المقترحات والحلول
- إجراء المزيد من الدراسات البيئية والحياتية على الأهوار لما لها من أهمية.
- الحفاظ على الأهوار من مصادر التلوث من خلال السيطرة على المياه الداخلة لها.
- إجراء دراسات أخرى على ألأنواع المختلفة من العوالق النباتية والحيوانية وقياس تراكيز العناصر النزرة فيها لأنها تمثل غذاء للأسماك.
- القيام بدراسات معمقة على الأنواع المختلفة من الأسماك في مناطق الأهوار وقياس تراكيز العناصر الثقيلة فيها مع الأخذ بنظر الاعتبار مراحل الحياة والأجزاء المختلفة من جسم الأسماك.
- تقليل من استهلاك الأسماك خلال فصلي الشتاء والربيع بسبب تتجمع العناصر في أنسجتها.
- تفعيل دور الجهات المختصة في حماية بيئة الأهوار ومنع رمي الملوثات فيها وجعل أجزاء من أهوار العراق محميات طبيعية.
References
Aubry, A. and Elliott, M. (2006). The use of environmental integrative indicators to assess seabed disturbance in estuaries and coasts: application to the Humber estuary, UK, Marine pollution Bulletin 53:175-185.
Mohamed, A. R. M. and Barak, N. A. (1982). Growth and condition of A fish Barbus sharpeyi Gunter in AL-Hammar marsh, Basrah, Iraq. Basrah J. Agric. Sci. 2:56-63.
Bartleltt, R. E. (1971). Waste water treatment. public health engineering design in metric, Applied Science Publishers LTD, 376p.
Bate, G. C; Adams, J. B. and Smailes, P. A. (2004). Benthic diatoms in Rivers and estuaries of south Africa. Water Research Commission Report 1107.
Beckman, W. C. (1962). The fresh water fishes of Syria and their general biology and management. Technical paper(8), 297pp.
Belpaire, C.; Smolders, R.; Auweele, I.; Ercken, D.; Breine, J.; Thuyne, G. V. and Olivier, F. (2000). An index of biotic Integrity characterizing fish populations and the ecological quality of flandrian water bodies. Hydrobiologia. 434:17-33.

