التأثيرات البيئية لتحلية مياه البحر

تعتبر عملية التحلية عملية لإزالة الأملاح والمعادن من مياه البحر وتحويلها الى مصدر صالح للشرب. وهذه العملية مفيدة جداً في بعض المناطق التي تشهد طلباً متزايداً على المياه لندرتها والجفاف وازدياد عدد السكان وكذلك زيادة استهلاك المياه. ولأن المحيطات تغطي معظم سطح الأرض فإن توفر مياه البحر يعتبر حلاً مستداماً وطويل الأمد لواحدة من المشاكل التي لن تتلاشى بالوقت القريب.

تم إنشاء 18 ألف محطة تحلية حول العالم بحلول عام 2015، وهذه المحطات تنتج 22870 مليون جالون من المياه العذبة يومياً، ويعتقد الخبراء المائيين أن تحلية المياه – بجانب التكنولوجيا المستقبلية – ستشكل مفتاحاً لبناء مجتمعات مقاومة للجفاف في العالم أجمع.

desalination plant in middle east

ومع أن توفير مصادر مياه نظيفة كان ولا يزال مصدر قلق كبير في جميع أنحاء العالم، إلا أن عملية تحلية المياه تنطوي على مخاطر بيئية متعددة، ويعتمد دور التحلية في الاستدامة على كيفية مواجهة هذه المخاطر ومعالجتها والتأقلم معها. نذكر فيما يلي عداً لا حصراً بعض من هذه المخاطر:

إنتاج المحلول الملحي

أثناء عملية تحلية المياه، يتحول نصف المياه المجمعة إلى مياه عذبة أما النصف الاخر فإنه يتحول إلى محلول ملحي عالي التركيز، وهذا المحلول يحتوي على خليط من العديد من المواد الكيمائية السامة. وتشير الدراسات بأن محطات التحلية تنتج 141.5 مليون متر مكعب من هذا المحلول الملحي يومياً مقارنة ب 95 مليون متر مكعب من المياه العذبة، ولنتخلص من هذا المحلول الملحي فإن الكلفة ستكون عالية وإذا تمت إعادته للمحيط سيكون مضراً ومميتاً للحياة البحرية.

وبالرغم من ذلك إلا أن هذا الخطر والانتكاسة ممكن أن تؤدي إلى خلق فرص اقتصادية جديدة، حيث تعد المخلفات الملحية مصدراُ للثروات المعدنية وبعض العناصر ذات القيمة الثمينة: كالملح واليورانيوم، وبالإمكان إعادة بيع اليورانيوم لخفض تكاليف التشغيل الاجمالية، كما يمكن توفر الملح تجارياً كعامل لإذابة الجليد. يعتقد الخبراء أن هذه المنافع المادية بإمكانها أن تشكل حافزاً لمحطات توليد الطاقة والتوجه إلى استخراجها.

يمكن أيضًا تقليل كمية المحلول الملحي المُنتَج من خلال عمليات تحلية أكثر كفاءة؛ مثل تقنية الأغشية الحديثة، والمتعارف عليها باسم التناضح العكسي وهذه التقنية تتميز بأنها أقل كلفة وتحتاج طاقة أقل وكذلك فإنهاتُنتج محلولًا ملحيًا أقل. وستعتمد ممارسات تحلية المياه المستدامة على التحول من الطرق القديمة مثل التحلية الحرارية التي تقوم بسحب وجر مياه البحر وتسخنها لتصل إلى درجة البخار، ثم تدفع المحلول الملحي المتبقي إلى البحر.

التأثير على الحياة البحرية

من التحديات والمخاوف الأخرى في عمليات تحلية المياه هي الاصطدام و/أو الانحراف أثناء عملية السحب والجر، حيث إنه قد تُسحب بعض الكائنات البحرية كالأسماك وسرطان البحر اثناء سحب مياه المحيط فتصطدم هذه الكائنات وتموت عند حاجز السحب وهذا يسمى علمياً بالاصطدام خلال المعالجة، وقد تسحب أيضاُ كائنات أصغر حجماً مثل بيض الأسماك والعوالق.

وللحد من هذا الخطر فإنه بالإمكان التحول من عملية السحب السطحية إلى واحدة “تحت سطحية” أعمق، وهذا يعني سحب المياه من قاع المحيطات بدلاً من الأعلى، لأن الرمل سوف يعمل كمرشح طبيعي لحماية البيئة البحرية، ويقلل من الحاجة إلى المواد الكيميائية واستهلاك الطاقة أيضاً أثناء المعالجة وبالتالي يخفض التكلفة بشكل كبير وملحوظ.

إن عملية السحب من الباطن الأرضي تحت المياه ليست هي الحل الوحيد لنحمي الحياة البحرية، بل وجد الخبراء طرقاً أٌخرى لتحسين فتحات الشباك الساحبة لتحتوي على ثقوب أدق وأصغر مساحة لتقليل أو منع الكائنات الحية الدقيقة من دخول هذه الشباك، وهنالك خيار أخر يتمثل في خفض سرعة هذه الشباك حيث إن سرعة الاصطدام تزداد وتكون عالية جداً عندما تزداد سرعة الشباك للدرجة التي تمنع السرطانات والأسماك من الابتعاد خلال عملية السحب، وقد قامت وكالة حماية البيئة PEA بتحديد السرعة لأقل أو مساوية 0.5 قدم/الثانية لتعالج وتحل مشكلة التأثير على البيئة البحرية بفعالية أكبر.

seawater desalination brine accumulation

استهلاك الطاقة

يعتبر استهلاك الطاقة من أهم مصادر القلق بجميع القطاعات حول العالم، وعملية التحلية ليست مستثناة من هذا القلق، حيث إن محطات التحلية تستهلك أكثر من 200 مليون كيلوواط/ساعة من الطاقة يومياً على مستوى العالم. وتشكل تكلفة الطاقة ما يقارب 55% من تكلفة التشغيل لهذه المحطات مما يجعلها أكثر عرضة لارتفاع الأسعار في المقابل. تستهلك محطة معالجة المياه التقليدية أقل من 1 كيلوواط/ساعة لكل متر مكعب.

ويذكر بأنه 85% من الدعم الأمريكي مخصص لزيادة الاستثمار الفيدرالي بإعادة البنية التحتية للمياه وهذا يشير الى أن كيفية الحصول على المياه للمستهلك تعتبر بالغة الأهمية.

تشهد محطات تحلية المياه التي تعتمد عملية التناضح العكسي – التي تُنتج أيضًا  كمية أقل من المحلول الملحي – انخفاضًا  كبيرا في استهلاك الطاقة حتى أنها تصل إلى ما بين 3 و10 كيلوواط/ساعة لكل متر مكعب.  إلا أن الباحثين ما زالوا يبحثون عنوسائل أقل تكلفة وأكثر رفقاً بالبيئة لمعالجة المياه. ومن بين الوسائل التناضح الأمامي، الذي يستخدم محلولًا من الملح والغازات لخلق فرق بالضغط. ويقول الخبراء إن هذه الوسيلة بإمكانها أن تطيل عمل أغشية التناضح العكسي وتقلل الحاجة إلى مواد التطهير أثناء المعالجة. وكذلك فإنه يتم تدارس استخدام الطاقة الشمسية كحل لمشكلة استهلاك الطاقة وهنا يستخدم العلماء هذا الحل المستدام كوسيلة لتحسين عملية التحلية، راجيين الوصول لنتيجة أكثر كفاءة لمعالجة مياه البحر وهذه الطريقة تتطلب رأسمال أقل للبدء بالتشغيل والتكامل النهائي.

الخُلاصـــــة

ربما يكون لعملية التحلية عيوباً، كإنتاج المحلول الملحي واستهلاك الطاقة وانتاج النفايات، وتعد هذه العيوب من اهم وأبرز اهتمامات الخبراء، إذ أنهم يحاولون الوصول لطرق فعالة لحل اهم وأكثر مشاكل العالم الحاحاً، الا وهي الحصول على مياه شرب نظيفة. ولحسن الحظ، فإنه يجري حالياً تطوير ودمج العديد من الحلول المبتكرة والجديدة، مثل استخدام أنظمة الترشيح والسحب المطورة، بالإضافة الى استخدام الطاقة الشمسية أيضاً للحد من تأثير عملية تحلية المياه.

ترجمة: ماجدة هلسه

أردنية متعددة الإهتمامات، لديها من الخبرة ما يقارب السبعة وعشرون عاماً في مجال المالية والإدارة في المؤسسات المحلية والدولية، وتعمل ماجدة حالياً مع التعاون الدولي الالماني كموظفة مالية. ومع ذلك كله وعلى الصعيد التطوعي، فإن لديها شغفاً كبيراً بالترجمة في كافة المواضيع والمجالات، وقد بُني هذا الشغف بالخبرة الشخصية والعملية على مدى هذه السنين.

Note: The original English version of the article is available at this link.

Tagged , , , , , , , . Bookmark the permalink.

About Emily Folk

Emily Folk is freelance writer and blogger on topics of renewable energy and conservation. For more information about Emily, please visit this link http://conservationfolks.com/about-emily/

Share your Thoughts

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.