إستخراج مياه الصرف الصحي: تغيير النظم في المدن شحيحة المياه

في المناطق ذات النمو السكاني المتسارع، فإن الاستدامة تعتبر مُلّحة ومُهمة لإن هذه المناطق تكون أكثر عرضة لندرة المياه. يُعرّض مناخ الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الحار والجاف هذه المدن للخطر. وبالرغم من ذلك، تنتج مدن هذه المنطقة – التي تعاني من ندرة المياه – كميات هائلة من مياه الصرف الصحي التي يمكن معالجتها لتلبية احتياجاتها المائية.

wastewater utilization

ما المقصود باستخراج (تعدين) المجاري؟

استخراج مياه الصرف الصحي (المجاري) هو عملية تجميع هذه المياه ومعالجتها لإزالة جميع الملوثات وفصل المواد الكيميائية لإعادة استخدامها. وبالعادة فإنه يتم الحصول عليها ومعالجتها محلياً. بهذا ممكن أن يقل الطلب على مياه الشرب عن طريق توفير مصدر محلي بديل للاستخدامات غير الصالحة للشرب.

يتكون نظام استخراج مياه الصرف الصحي من وحدتين رئيسيتين: مفاعل حيوي غشائي ووحدة تناضح عكسي، وهاتان الوحدتان متصلتان بنظام مدمج ليسهل نقلهما. تعمل هاتان الوحدتان معاً على تصفية مياه الصرف الصحي لجعلها آمنة للاستخدام في الزراعة، وري الحدائق، أو حتى استخدامها للشرب.

استخراج المجاري في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

تُعدّ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أكثر المناطق في العالم التي تعاني من شحّ المياه. وهي تُعدّ من أفضل الخيارات لاستخراج مياه الصرف الصحي بسبب وفرة مياه الصرف الصحي فيها والحاجة المتزايدة للمياه النظيفة، لا سيما في مدنها.

استخدام التعدين في المجاري لمواجهة ندرة المياه

تعاني منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من شح المياه في معظم المدن، مع وجود إمكانيات غير مستغلة. وربما تقوم مياه الصرف الصحي غير المعالجة بتلويث وتسميم المياه العذبة إذا بقيت كما هي. مما يعرض الصحة العامة للخطر ويزيد من أزمة المياه. وبالرغم من ذلك، فإن النمو السكاني في هذه المناطق ينتج كميات كافية من مياه الصرف الصحي والتي اذ تم استخدامها بشكل صحيح وعولجت بصورة شاملة، فإن بإمكانها أن تساعد في مواجهة ندرة المياه، حيث تعدُّ إمكانية تحويل الماء الملوث ومعالجته سلعة ثمينة وأمراً جاذباً للباحثين والمهتمين بالأمر.

تحديات معالجة مياه الصرف الصحي

إن القوانين والتعليمات النافذة حالياً لا تفي بالغرض لإجبار هذه المدن على تحويل ومعالجة مياه الصرف الصحي، بل على العكس فإن بعض هذه القوانين يفرض قيوداً على معالجتها أو حتى الجوانب التي تعيق مثل هذه العمليات. وكذلك فإنه لا توجد أية حوافز واضحة وصريحة للقيام بمعالجة مياه الصرف الصحي، ما لم يكن هنالك أي حافز مادي، فإنه على الاغلب ألاّ تُنجز هذه المهمة.

وكذلك فإن انعدام التواصل بين الصناعات داخل هذه المدن يوضح قلة الفرص لمعالجة مياه الصرف الصحي، وإن لم تتعاون الصناعات لتقديم المساعدة في مواجهة أزمة المياه، فإن الحل سيكون أكثر صعوبة.

ربما تكون أنابيب الصرف الصحي ضعيفة أو مكسورة أو حتى قديمة، لأن بعضاً من المياه العذبة ملوث بمياه الصرف الصحي، هنا يكمن الحل في إصلاح المجاري بدون حفريات، بدلا من القيام بالحفر الذي يحتاج نصف مساحة الأرض لاصلاح هذه الانابيب. حيث يتضمن اصلاح المجاري بدون حفر إطلاق راتنج إيبوكسي في أنبوب، ويكون بداخله أنبوب مجاري جديد وتغني هذه التقنية عن اعمال الحفر والبناء الشاقة وتقلل من تلوث المياه النظيفة.

للأسف، فإن الحواجز الثقافية وانعدام الثقة في بعض هذه المدن تلعب دوراً مهماً، حيث يعتقد الكثيرون أن إعادة استخدام مياه المجاري غير صحي وربما يسبب مشاكلاً صحيةً. ولنقوم بإحداث تغيير حقيقي، فإنه من الضروري أن يفهم هؤلاء والجميع كذلك كيف يمكن لعمليات معالجة مياه الصرف الصحي أن تخلصهم من الكثير من الملوثات الضارة بصورة ناجحة وأن يكونوا مشاركين بهذه الفكرة.

الفوائد المحتملة لاستخدام مياه الصرف الصحي

بإمكان معالجة واستخدام مياه الصرف الصحي أن تزيد من كمية المياه المتوفرة لمدن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي تعاني من شُح المياه، مع التزايد السريع بعدد سكانها. وبالإمكان استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في المزارع لري التربة وتخصيبها، وللعلم فهي غنية بالعناصر الغذائية التي تساعد النباتات على النمو والبقاء.

تحتوي مياه الصرف الصحي على كربون وهذا يُمكن تحويله إلى ميثان، لاستخدامه بإنتاج الكهرباء لعدد كبير من المنازل التي ستستخدمها لتوليد الكهرباء، لكن يجب مراعاة الآثار البيئية لأي طريقة يتم اختيارها. والانتباه أن حلول استخدام طاقة الشمس والرياح هي خيارات أكثر استدامة.

الغابات والزراعة وتنسيق الحدائق من القطاعات الأخرى التي يمكن أن تستفيد من مياه الصرف الصحي. إن توفير مياه الصرف الصحي المعالجة لجميع هذه القطاعات يمكن أن يحد من ندرة المياه في مدن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويوفر دعمًا اقتصاديًا لصناعات هذه المدن.

خطر ندرة المياه

إن هذا الخطر ليس مقتصراً على منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا فحسب، بل هو مصدر قلق عالمي، فالتلوث بازدياد ويسمّم موارد المياه، وكذلك فإن التغير المناخي يسبب جفاف مصادر ماء أُخرى. وحيث أن العالم يشهد نمواً سكانياً متسارعا ومتزايد، فأن الحال كما هو في منطقتنا، مما يزيد ويفاقم من مشكلة ندرة المياه، فكمية المياه المتوفرة على الأرض لا تلبي حادة السكان المتزايدة.

الآثار السلبية لفقد المياه عديده وتؤدي الى عواقب بيئية واجتماعية، نذكر بعضاً منها هنا على سبيل الذكر لا الحصر:

  1. محدودية مياه الشرب
  2. تفشي الامراض والاوبئة والمخاطر صحية متعددة
  3. توقف نمو المحاصيل والنباتات
  4. اختفاء الأراضي الرطبة
  5. زيادة تركيز التلوث
  6. إضرار بالنظم البيئية
  7. صعوبات وتحديات اقتصادية
  8. صراعات بين المجتمعات والدول

إن إعادة استخدام الموارد ذات الإمكانات غير المستغلة، مثل مياه الصرف الصحي هي أساس ضروري لمستقبل أكثر استدامة. وبإمكانها ان تسهم بشكل كبير بتحسين المناطق الحضرية وخصوصاً المناطق المعرضة للجفاف.

دراسة حالات حول معالجة مياه الصرف الصحي المستدامة

وجدت التقنيات الحديثة لإزالة المواد الكيميائية الضارة واستخلاص العناصر الغذائية المفيدة من مياه الصرف الصحي. وهذه تتحقق بأعلى درجات النجاح إذا أجريت بشكل مستدام وضمن أنظمة دوائر مغلقة. في ماساتشوستس على سبيل المثال فإن بعض المرافق تستخدم نظاماً كهروضوئياً لإدارة مياه الصرف الصحي الناتجة عن المخلفات التجارية والسكنية، حيث تعمل هذه الأنظمة بالطاقة الشمسية مما يمكنها من الحد من تلوث الغلاف الجوي.

أما في كاليفورنيا، فهنالك صعوبات في تلبية احتياجات مياه الشرب بسبب الجفاف التي تعاني منه المنطقة. وهذه يؤثر على أكثر من ملياري شخص سنوياً. ولمعالجة هذه المشكلة فإن الهيئة المعنية بالمياه في مقاطعة أورانج تقوم بإنتاج ملايين الجالونات من مياه الشرب يومياً لتوفيرها للسكان.

استخدام مياه الصرف الصحي

تُعدُّ مياه الصرف الصحي مورداً غير مستغل لحدٍ كبير خاصة في مدن الشرق الأوسط وشمال افريقيا التي تعامي من ندرة المياه. ولتحقيق استدامة أكبر، فإنه من الضروري البحث عن طرق ووسائل لإعادة استخدام النفايات حتى لا تتراكم في ظل معاناة السكان.

هنالك حاجة لوضع أنظمة وتعليمات مناسبة، وخبراء لدعم استخراج (تعدين) مياه الصرف الصحي وجعل هذا ممكناً لإعادة الاستثمار الذي وضع في هذا النظام، ويبقى العمل الجماعي، كما هو الحال في معظم القضايا البيئية، هو الحل.

ترجمة: ماجدة هلسه

أردنية متعددة الإهتمامات، لديها من الخبرة ما يقارب السبعة وعشرون عاماً في مجال المالية والإدارة في المؤسسات المحلية والدولية، وتعمل ماجدة حالياً مع التعاون الدولي الالماني كموظفة مالية. ومع ذلك كله وعلى الصعيد التطوعي، فإن لديها شغفاً كبيراً بالترجمة في كافة المواضيع والمجالات، وقد بُني هذا الشغف بالخبرة الشخصية والعملية على مدى هذه السنين.

Note: The original English version of the article is available here.

Tagged , , , , , , . Bookmark the permalink.

About Jane Marsh

Jane is the editor-in-chief at Environment.co, specializing in sustainability, climate change, and renewable energy. In her free time, she enjoys nature trails, eco-friendly DIY projects, and volunteering with environmental groups.

Share your Thoughts

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.