يعتبر التغير المناخي تحدياً كبيراً، وعلى ما يبدو أن المحاولات الفردية لن تكون كافية لمواجهته، أو لأننا لا نملك الموارد اللازمة لمواجهته، وللعلم فإن كلا هاذين الاحتمالين ليس صحيحاً، لأن هنالك العديد من المحاولات والإجراءات الفردية التي بإمكاننا جميعاً أن نتخذها للمساعدة في مواجهة التغير المناخي، حيث أنه يتوافر تقنيات عديدة القادرة أن تلعب دوراً هاماً على المستويين الاستهلاكي والصناعي، إبتداءاً من الأمور البسيطة مثل استخدام المصابيح الموفرة للطاقة ووصولاُ للعمليات الكبيرة والمعقدة مثل إنشاء محطات للطاقة المتجددة من الرياح على سبيل المثال.
تدل الدراسات بأن البشر هم سبباً رئيسياً لتغير المناخ. مع الاستهلاك المتزايد لهم للموارد القيمة لوحظت تغيرات مناخية متسارعة نتيجة للنشاطات البشرية منذ قيام الثورة الصناعية، وكذلك يوجد عوامل أخرى تسهم في تغير المناخ، مثل إزالة الغابات (التحطيب) والممارسات الخاطئة لاستخدام الأراضي، والاهم من ذلك كله هو التطور التكنولوجي الذي بلا شك يعد مساهما رئيسيا. وهنا فإن استكشاف حلول مبتكرة – مثل الالتقاط المباشر للهواء– أمراً مهماً للتخفيف من الأنشطة البشرية وتأثيرها على المناخ والعمل كذلك لمستقبل أكثر استدامة بما ان التقنيات الحديثة لن تختفي، لذا فإنه من الأفضل أن نُسخّر جميع الإمكانيات على أكمل وجه للتخفيف من الضرر الذي قمنا نحن بإيجاده على كوكبنا. وبهذا الوضع الذي نمُر به حالياً فإنه يتوجب علينا أن نستغل كل ما هو متاح لمكافحة التغير المناخي لان الوقت لا ولن يسعفنا.
فيما يلي، سنلقي نظرة على بعض الوسائل التكنولوجية التي تساعدنا في مكافحة تغير المناخ:
1. خفض الكربون
من أهم التقنيات حالياً هي تقنية الانبعاثات السلبية، والتي بدورها تهدف إلى إزالة الكربون من الغلاف الجوي لتعويض انبعاثات الكربون التي تنطلق نحوه، وبالتأكيد فإن هنالك طرق عديدة لتقليل كمية الكربون التي نضخها نحن في الغلاف الجوي، مثل التشجير وتصحيح الممارسات الخاطئة لاستخدام الأراضي، لكن وللأسف هذه الحلول تحتاج وقتاً طويلا لا نملكه.
إن تقنية خفض الكربون تمكننا من الوصول إلى حالة صفر صافي عام 2050، أو بحلول 2030 بأحسن الأحوال إذا قمنا بتنفيذها قريبا. في المراحل التجريبية حالياً هنالك الات تعمل على إزالة الكربون من الهواء وتخزينه تحت الأرض، والعمل جارٍ أيضاً على تقنيات أخرى.
2. المنزل الذكي
تحدثنا في مقدمة هذا المقال عن المحاولات الفردية التي بإمكاننا اتخاذها، ومن هذا المحاولات أو الإجراءات الواعدة: استخدام المنزل الذكي، وهي إجراءات بسيطة تستخدم في المنازل مثل منظمات الحرارة، وأنظمة الإنارة، وعدادات المرافق، وأجهزة كشف التسريب لتحسين كفاءة الطاقة في المنازل. وبالتالي فإنه يمكن ربط هذه الأنظمة بأنظمة المدن الذكية لزيادة فعالية توزيع الطاقة، ومتابعة إدارة النفايات وكذلك إدارة حركة المرور والعديد من الإمكانيات، ومع التطور التكنولوجي أو كما يسمى انترنت الأشياء فإنه سيصبح بإمكان تقنيات المنازل والمدن الذكية أن تكون أدوات مهمة وفعالة في مواجهة التغير المناخي.
3. المعلومات والاتصالات
مع تزايد التغير المناخي فان وتيرة الظواهر الجوية القاسية تتزايد أيضاً وهي مكلفة جداً وتؤثر على حياة الكثير من الكائنات. كلما كنا أفضل بالتنبؤ بالظواهر الجوية القاسية وإدارتها وبذلك سننجح بالتعافي. بالإجمال فإن هذا النوع من التقنيات لا يغير مسار التغير المناخي، ولكنه يساعدنا نحن على مواجهة العواقب المترتبة عليه.
ومن الأمثلة على هذه التقنية، أنظمة الأقمار الصناعية التي تستخدم الطاقة الشمسية، وكذلك أنظمة الإنذار المبكر عبر شبكات الهواتف المحمولة. كما أنه يمكن لتكنولوجيا المعلومات أن تستخدم لتتبع التغييرات البيئية، مثل؛ درجة الحرارة ومستوى سطح البحر، للتخفيف من آثارها السلبية على البشر والكائنات الحية.
4. التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي
يعد الذكاء الاصطناعي رائداً في التطور التكنولوجي ويعطي وعوداً للعلماء الساعيين لفهم ومعالجة التغير المناخي وآثاره بشكل أفضل. هنالك بحث علمي حديث – أعده علماء في جامعة كورنيل – يناقش عشر طرق بإمكان الذكاء الاصطناعي من خلالها أن يساهم في مكافحة التغير المناخي، تشتمل هذه الطرق على ابتكار مواد منخفضة الكربون، وكيفية زيادة كفاءة النقل، وتوفير الأدوات اللازمة لدعم الجهود الفردية للتقليل من البصمة الكربونية وكذلك تصميم أنظمة كهربائية أكثر كفاءة.
بإمكان الذكاء الاصطناعي أن يساعدنا بطرق لا تقدر بثمن في حماية البيئة والحفاظ على الموارد.
من أهم مساهماته الأخرى، مساعدته لمختصي المناخ في إنشاء نماذج أفضل للتنبؤ، لتمكينهم من معرفة المزيد عن كيفية تأثير الممارسات البشرية على الكوكب بدقة عالية. ويساعدهم أيضا على معرفة ما هي التغييرات الأكثر فعالية لمواجهة التغير المناخي. لمعرفة المزيد، يرجى الضغط على الرابط:
إنتاج الطاقة
تنتج غازات الاحتباس الحراري بشكل كبير من الوقود الاحفوري الذي نعتمد عليه بشكل كبير، مما يدّعي إحداث نقلة نوعية في انتاج الطاقة واستخدامها إذا أردنا أن نعالج تغير المناخ بفعالية أكبر. بدأت فكرة أو تقنية مزارع الرياح تترسخ، ولكن يوجد الكثير الباقي لاكتشافه وتطبيقه في مجال الطاقة الشمسية وكيفية تخزين الطاقة المتولدة من الالواح الشمسية بكفاءة. من أهم الاكتشافات الأخرى والقابلة للبحث هي استخدام الطاقة النووية التي تمكننا من انتاج طاقة خالية من الكربون، لكننا لمن نصل لهذه المرحلة، ولكن يوجد بعض الشركات التي تستكشف وتبحث بهذا الامر بآمان.
وهناك نوع آخر من التكنولوجيا قيد التطوير لإنتاج الطاقة وهو الشبكة الذكية، والتي ستكون قادرة على توجيه الطاقة بكفاءة ودمج أنظمة الطاقة المتجددة على نطاق أوسع.
إن تغير المناخ يُعدّ من المشاكل الكبيرة، لكن ثمة هنالك أمل يلوح على صورة تقنيات ناشئة وحديثة، وبالرغم من أن مختلف المنظمات العاملة في هذا المجال تتوقع مواعيد مختلفة وحاسمة لمناقشة هذا الامر – تتم المناقشات حالياً لعامي 2030 و2050 – الا ان بعض هذه المنظمات يجابه ويدفع بإيجاد حلولا وإجراءات صارمة باستخدام التكنولوجيا على أكمل وجه. وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن صندوق الدفاع البيئي يدعو إلى تخفيض انبعاثات غاز الميثان من النفط والغاز بنسبة 45% بحلول هذا العام 2025، وهو ما يدّعون انه قابل للتحقق بفضل استخدام الرقمنة في هذا المجال. إذاً فإن التكنولوجيا تُعدّ من أقوى الأدوات التي نمتلكها ونُسخرها ونستخدمها لمواجهة هذه الازمة بنجاح.
ترجمة: ماجدة هلسه
أردنية متعددة الإهتمامات، لديها من الخبرة ما يقارب السبعة وعشرون عاماً في مجال المالية والإدارة في المؤسسات المحلية والدولية، وتعمل ماجدة حالياً مع التعاون الدولي الالماني كموظفة مالية. ومع ذلك كله وعلى الصعيد التطوعي، فإن لديها شغفاً كبيراً بالترجمة في كافة المواضيع والمجالات، وقد بُني هذا الشغف بالخبرة الشخصية والعملية على مدى هذه السنين.
Note: The original English version of the article is available at this link.

