النفايات البلاستيكية معضلة العصر

يبدو أن المجتمع الدولي قرر أن يتبني إستراتيجة موجهة لمكافحة التلوث البلاستيكي بعد أن وصل التلوث بالمواد البلاستيكية الى مستوى الخطر وصار معضلة عصرية يهدد النظام البيئي لكوكب الأرض، ذلك ما تشير إليه الشعارات المتلاحقة التي رفعتها المنظمات الإقليمية والدولية لتدفع بإتجاه صحوة الضمير العالمي، وتوحيد قوى العمل الدولي لبناء إستراتيجية عالمية لموجهة تصاعد خطر التلوث البلاستيكي، وتتمثل تلك الشعارات في الشعار الذي رفعته شبكة يوم الأرض العالمية «إنهاء التلوث البلاستيكي» ليكون عنوان لفعاليات «يوم الأرض العالمي» في 22 ابريل 2018، والشعار الذي رفعته المنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية «المخلفات البلاستيكية خطر يهدد البيئة البحرية» عنوان لفعاليات يوم البيئة الإقليمي في 24 ابريل 2018، وتوج ذلك المسار بتبني “جمعية الأمم المتحدة للبيئة .. UN Environment” كأعلى هيئة لصنع القرار على مستوى العالم في مجال البيئة شعار يوم البيئة العالمي الذي يوافق 5 يونيو 2018 “التغلب على التلوث البلاستيكي”.

turtle-plastic-ingestion

ومن المعروف ان جمعية الأمم المتحدة للبيئة تتناول التحديات البيئية الحرجة التي تواجه العالم، وتعمل على بذل مختلف الجهود وتبني المبادرات البيئية للتمكن من إيقاظ الضمير العالمي، وتحفيز وعي المجتمعات وتبصيرها بواقع الخطر الذي يهدد أمنها البيئي، وفهم خطر التحديات التي تواجه الأمن البيئي لكوكب الأرض، والحفاظ على بيئتنا وإعادة تأهيلها وذلك بما يتصل في صميم خطة التنمية المستدامة لعام 2030.

الجميع صار يدرك وفق المعطيات والبيانات المعروفة، بإن النفايات البلاستيكية المتصاعدة مستوياتها معضلة العصر، وبرغم ذلك فإن كميات النفايات البلاستيكية في تصاعد مستمر، والسؤال الإستراتيجي الذي ينبغي على بلدان العالم مجتمعة وضعه ضمن أجندتها البيئية، ما الذي ينبغي فعله للتمكن من تحقيق مبتغى شعار اليوم العالمي للبيئة للعام 2018.؟

الملاحظ ان التصريحات والبيانات البيئية لبلدان العالم توحي بأنها تضع في الإعتبار ضرورة أن تكون مشكلة التلوث البلاستيكي في صلب برامجها البيئية، وتجنيد طاقاتها وقدراتها في تجسيد مقاصد الشعار في خططها المقبلة لإنجاز الأهداف الوطنية للتنمية المستدامة، ولكن ذلك ليس كافٍ في تأكيد صدق النوايا بل ينبغي أن تُعزز تلك البيانات بخطط عملية وملموسة تساهم في تغيير الحالة والحد من تصاعد مستوى النفايات البلاستيكية.

لا يمكن الجزم بإنجاز الدول مقاصد شعار يوم البيئة العالمي “التغلب على التلوث البلاستيكي” الذي تبنته جمعية الأمم المتحدة للبيئة .. UN Environment” إذا لا يجري إعتماد إستراتيجة مستدامة في برامجها وأنشطتها تضع في الإعتبار المناهج التربوية والمدرسية والتعليمية والتوعوية، بالتوفق مع إقرار منظومة التشريعات البيئية والإدارية والرقابية لترشيد إستخدام المواد البلاستيكية، وتبني الأدوات العلمية السليمة في عملية إعادة تدوير النفايات البلاستيكية، وتحد من السلوك غير الرشيد في عملية التخلص من المخلفات البلاستيكية.

plastic-bags-middle-east

الحقيقة التي ينبغي عدم تجاهلها ان هناك مبادرات أخذت تؤكد حضورها في أنشطة عدد من الدول للحد من ظاهرة الإستغلال غير المقنن للمواد البلاستيكية وصارت تبتكر الوسائل العملية في تحفيز المجتمع لتبني الثقافة البديلة في إستخدام المواد المستدامة وغير الضارة بيئيا، وفي السياق ذاته بدأت العديد من المدارس في الكثير من الدول تَبنيّ البرامج والأنشطة البيئية التي تضع ضمن أهدافها نشر ثقافة إعادة تدوير مواد البلاستيك، والتقليل من إستخدام الأكياس البلاستيكية، ونشط في هذا السياق منظمات المجتمع المدني‘ وتبنت مبادرات نشر الوعي بمخاطر المواد البلاستيكية على النظام البيئي، والعمل في سياق ذلك على تنظيم برامج تنظيف البيئات الطبيعية والمياه البحرية والساحلية من مخلفات المواد البلاستيكية.

المؤسسات البيئية الرسمية في دول مجلس التعاون تبنت مبادرات طموحة للتوعية بمخاطر الإستخدام غير الرشيد للأكياس البلاستيكية على البيئة والإنسان وتحفيز المجتمع في إستخدام الأكياس البديلة في التسوق، وشهدت دولة الإمارات أنشطة نوعية للتوعية بالتحول الى الأكياس البديلة في التسوق ورفع بمناسبة يوم البيئة الوطني عام 2010 شعار الإمارات خالية من الأكياس البلاستيكية، وفي إطار إستراتيجية التوعية والتثقيف البيئي نظمت هيئة البيئة في الشارقة برنامج رصد البيانات بشأن الآثار السلبية للأكياس البلاستيكية على الثروة الحيوانية في المناطق البرية عام 2010، واعلنت في معرض الشارقة للكتاب عن حملة للتوعية بإستخدام الأكياس البديلة للتسوق وجرى توزيع أكياس قماشية على مرتادي المعرض.

المبادرات بشأن التوجه الوطني والدولي لخفظ مستوى النفايات البلاستيكية تؤكد حضورها في المشاريع البيئية، وبرغم أهمية ما نشهده من مبادرة هناك سؤال ينتظر الإجابة، ما الذي حققته الأنشطة التي جرى تبنيها في تغيير السلوك الإجتماعي في استخدام الأكياس البديلة في التسوق، والحد من مستوى المخلفات البلاستكية على المستوى الوطني.؟ وفي الإطار ذاته هل يمكن أن نشهد جدوى فعلية في تحقيق مقاصد شعار الإحتفال بيوم البيئة العالمي 2018.؟

Tagged , , , , , , , , . Bookmark the permalink.

About Shubbar Al-widae

Dr. Shubbar Ibrahim Al-Widae is a renowned environmental consultant with expertise in environmental law, environmental management and environmental education. He is the recipient of numerous certificates of appreciation from a wide range of ministries and institutions, the most important being the Distinguished Employee Award in 2001 from the Government of Sharjah. باحث في الشأن البيئي دكتوراه في القانون البيئي ناشط في العمل المدني البيئي حائز على جائزة الشارقة للتميز الوظيفي. حائز على جائزة الشارقة للعمل التطوعي

2 Responses to النفايات البلاستيكية معضلة العصر

  1. Pingback: الحس البيئي - البعد النفسي والروحي | EcoMENA

  2. Pingback: إعادة تدوير النفايات البلاستيكية بولي إثيلين

Share your Thoughts

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.