تُعد طريقة الري بالقٌلة (إناء فخاري مدفون) واحد من أكثر الأنظمة المعروفة كفاءة وهي مثالية للمزارعين الصغار، بالرغم من أن العمل بالانظمة التقليدية الفعالة وذات الفائدة الكبيرة في المزارع والحدائق صغيرة ومتوسطة الحجم لم يكن معروفاً في وقتنا الحالي إلا مؤخراً. لقد تعلمت هذه الطريقة خلال قرائتي لكتاب صيني عن الزراعة من قبل 2000 عام، حيث كانوا يستخدمون ري القُلة بإناء طيني مدفون وغير مصقول مليء بالماء للتحكم بالري للنباتات، حيث يتسرب الماء من خلال الجدران الطينية بمعدل كمية استهلاك النبات للماء.
لماذا القٌلة؟
أثبتت دراسة أجريت في كينيا عام 2013، أن نظام الري بالقُلل كان اكثر كفاءةً من الري بالحفر، حيث وفر هذا النظام 97.1% من المياه لمحاصيل الذرة والطماطم. وكانت غلة الذرة أعلى بنسبة 32.2% وللطماطم 43.7%. وفي دراسة أخرى أجريت في الهند، بلغ 97.8% من محصول البطيخ المروي بنظام القلل 25 طن/هكتار باستخدام 2 سم مكعب فقط من الماء، بالمقارنة بمحصول 33 طن/هكتار باستخدام 26 سم مكعب بطريقة الري بالغمر. إن رطوبة التربة التي يحافظ عليها نظام الري بالقلة تمكننا من زراعة المحاصيل في التربة المالحة أو حتى استخدام المياه المالحة لأن الري التقليدي لا يعمل بفعالية. تم الحصول على غلال عالية من الطماطم في الهند حيث بلغت النسبة 27 طن/هكتار باستخدام مياه مالحة EC10.2 mmhos/cm.
بالإضافة إلى كونها أكثر كفاءة من أنظمة التنقيط، يمكن استخدام القلل دون الحاجة إلى إمدادات مياه مفلترة مضغوطة. يمكن صنع أواني الطين بمواد ومهارات متوفرة محليًا وهي أقل إتلافاٌ من قبل الحيوانات وأيضاً أقل انسداداً بسبب الحشرات التي من شأنها أن تسبب هذا الإنسداد بالاواني مقارنة بأنظمة التنقيط. وأخيرًا قد تحتاج الأواني الطينية إضافةالماء مرة واحدة فقط كل بضعة أيام أو مرة واحدة في الأسبوع. وهذا يجعلها مثالية للمزارعين المنشغلين بمحاصيل أخرى أو اللذين لديهم أطفالاً و مسؤوليات منزلية أو حتى اللذين يعملون بعيداً عن منازلهم معظم أيام الأسبوع.
إن إستخدام الري بالقُلة يسمح بتحسين التربة فقط للمحاصيل وليس للاعشاب الضارة، أفادت معظم الدراسات التي اجريت على أنظمة الزراعة التقليدية أن ما يقارب 30% من العمالة يذهب لإزالة الاعشاب الضارة والتخلص منها، وهذه النسبة ممكن أن تفيد في أعمال أكثر إنتاجية من ذلك.
توصلت دراسة أجريت في الهند إلى أن الوزن الجاف للأعشاب الضارة بلغ 62 كجم/هكتار فقط باستخدام الري بالتنقيط مقارنة بـ 465 كجم/هكتار باستخدام الري بالأحواض. وفي أحد التجارب التي قمت باجرائها كان هنالك القليل من الكيلوغرامات من الأعشاب الضارة بدلاً من الأطنان لكل هكتار.
كيف نبدأ؟
- قم بشراء القُلة، وتأكد بقيامك باختبار بسيط أن المياه تتسرب عبر المسامات وتبلل الجزء الخارجي.
- قم بحفر حفرة أوسع واعمق من القُلة واخلط بها السماد والسماد العضوي ان امكن.
- قم بملئ الحفرة بالماء واتركها تُستنزف.
- قم بغرس ساق النبات داخل الحفرة بعد إضافة كمية كافية من التربة بها، قم بتثبيت الساق على ارتفاع حوالي 5 سم فوق السطح.
- إملأ الحفرة حول القُلة وقم بتثبيت التربة حولها بالضغط عليها.
- إملا الوعاء بالماء وقم بتغطية فتحة الوعاء بغطاء أو حجر.
- راقبها في اليوم التالي وانظر لأي مسافة تصل رطوبة التربة بعيداً عن القلة.
- قم بإعادة ملئ القُلة حسب الحاجة.
- وبعد انتهاء الموسم، قم بتنظيف الاواني وتخزينها بالمقلوب (رأساً على عقب).
إن أي صانع فخار جيد سيكون قادرًا على صنع الأواني الفخارية. إذا كانت الأواني الفخارية مصنوعة خصيصًا للري، فلا ينبغي تسخين الطين إلى درجة حرارة أعلى من 1000درجة مئوية وإلا ستكون المسامية محدودة، وإن قمنا بإضافة سيراميك مطحون إلى الخليط فإن هذا سيؤدي إلى زيادة المسامية. إن من عيوبالأواني الفخارية التكلفة العالية والجهد اللازم لصنعها. وممكن حدوث انسداد بالمسام بتلك الأواني بمرور الوقت وتتطلب التنظيف والنقع بالخل أواعادتها لنار الافران.
سيكون من الممتع أن تقوم بتجربة الري باستخدام القُلة، نظام فعال للنباتات المزروعة في أصص، قم بتجربة لزراعة البقدونس والنعناع والثوم والكزبرة والباذنجان والطماطم الكرزية، أو حتى الازهار المنزلية. أو يمكنك تجربتها في حديقة منزلك الصغيرة.
نبذة عن ديفيد باينبريدج
هو عالم بيئة، مؤلف، معلم ومؤرخ مرموق. مجالات خبرته للذكر وليس الحصر هي إعادة تأهيل الصحاري والزراعة المستدامة والاقتصاد البيئي والمزيد. له من الخبرة أكثر من 50 عاماً ولديه أكثر من 300 مقال والعديد من الكتب وفصول الكتب. يواصل باينبريدج الريادة في مجال الاستدامة.
ترجمة: ماجدة هلسه
أردنية متعددة الإهتمامات، لديها من الخبرة ما يقارب السبعة وعشرون عاماً في مجال المالية والإدارة في المؤسسات المحلية والدولية، وتعمل ماجدة حالياً مع التعاون الدولي الالماني كموظفة مالية. ومع ذلك كله وعلى الصعيد التطوعي، فإن لديها شغفاً كبيراً بالترجمة في كافة المواضيع والمجالات، وقد بُني هذا الشغف بالخبرة الشخصية والعملية على مدى هذه السنين.
Note: The English version of the article is available at this link.