السعي نحو الاستدامة: جهود القطاع الخاص في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا

على الرغم من أن مسؤولية الدفع باتجاه الاستدامة غالباً ما تناط بالحكومات، إلا أنه لا يمكن تحقيقها بدون تعاون هادف وجاد واستعداد حقيقي من قبل القطاع الخاص، والذي يقع على عاتقه بصفته جزءا اساسيا من المشهد، مسؤولية توفير التمويل اللازم للمنظومة ككل، والاستثمار في البحث والتطوير والمساهمة في نشر التقنيات الحديثة وتسهيل تبادل البيانات بالإضافة إلى توسيع آفاق التعاون الدولي.

sustainability-mena

العائد على الاستثمار: القطاع الخاص يتوجه للبيئة

اختزلت العديد من الشركات جهودها لاعتماد نهج الاستدامة على شكل تبرعات وجهود رمزية، غير أن مفهوم العائد على الاستثمار لم يعد يقتصر على الارباح المالية كما يشير العديد من الباحثين، وإنما أصبح من الضرورة إدماج الاستدامة كتوجه استراتيجي لكل مؤسسة مما سيعود عليها بالكثير من المنافع المباشرة:

  1. زيادة المرونة والمنعة.
  2. زيادة الكفاءة الكربونية وتخفيض انبعاثات الكربون.
  3. القيمة والأثر الاجتماعي.
  4. تمتين الشراكة مع المعنيين وأصحاب المصلحة والمجتمع.
  5. تحسين العلاقة مع العملاء وزيادة ولائهم للعلامة التجارية.
  6. الحفاظ على الموظفين.
  7. تعزيز قيمة وسمعة العلامة التجارية.

يمتلك القطاع الخاص الفرصة المواتية للاستثمار في ” اقتصاد الرفاه” والذي تقدر قيمته بما يقارب 4.3 تريليون دولار، بحسب السيد ابراهيم الزعبي مسؤول الاستدامة في مجموعة ماجد الفطيم، الذي أضاف أن على الشركات والاعمال المختلفة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة العمل للوصول إلى نموذج أعمال ” الصافي الإيجابي (Net Positive) “.

يقوم هذا النموذج على نهج ثلاثي الأسس

  1. الكوكب – تعامل الموارد الموجودة باعتبارها محدودة، ويتم استخدامها بكفاءة حتى يتسنى للأرض تجديد ما يتم استخدامه.
  2. الناس – العمل على نظام بيئي يُنظر فيه للناس كرأس مال بشري، ويُعتنى من خلاله برفاهيتهم وصحتهم.
  3. الربح – يسهم التعاون بين المجتمع السعيد والكوكب الصحي في تحقيق المزيد من الأرباح، والتي لا تقتصر على الارباح المالية وانما تتعدى الى منافع مستدامة ذات صاف إيجابي من الأثر الاجتماعي.

يَنظر النهج الثلاثي الأسس إلى أهداف التنمية المستدامة كجزء أساسي من الإطار الهيكلي الذي يمتد منذ البداية وحتى التنفيذ، ولا يختزل دورها كترس في منظومة المسؤولية المجتمعية لهذه الشركات. وأصبح من المثبت أن إدماج الاستدامة له بعد تجاري منطقي. كما أن المستهلكين أصبحوا أكثر وعياً بالعلامة التجارية ومدى الالتزام بالاستدامة. ذكرت شركة نيلسن في أحد تقريرها، أن مبيعات السلع الاستهلاكية التابعة لعلامات تجارية أظهرت التزامها بالاستدامة، قد ارتفعت بنسبة 4% على مستوى العالم.

ماذا بعد؟

وفقاً للعديد من الدراسات فإن تبني الاستدامة كنهج وممارسات داخل القطاع الخاص في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يعتبر بطيئًا نسبيًا. ومع ذلك، لا يخلو الأمر من عدد قليل من الرواد الذين يقودون زمام التغيير:

  1. تقود مدن مثل دبي وعمان التوجه نحو الاستدامة من خلال العمل على سياسات شاملة وتغييرات هيكلية لتقليل البصمة الكربونية للطاقة المولدة بنسبة 70٪.
  2. أطلقت شركة الإمارات العالمية للألمنيوم، ثاني أكبر شركة صناعية في الإمارات العربية المتحدة، تقرير الاستدامة الأول الخاص بها في أغسطس 2017.
  3. خصصت شركة بترول الإمارات الوطنية، أكبر شركة في الإمارات العربية المتحدة، استثمارات بقيمة 6 مليارات دولار للتوجه نحو الاعتماد على الطاقة المتجددة وفقًا لتقرير الطاقة لعام 2019.
  4. استثمرت الشركة السعودية للصناعات الأساسية ما يقرب من 1.2 مليار دولار أمريكي على مدى الخمس سنوات الاخيرة وذلك لاستكمال أكثر من 170 مبادرة لتلبية الأهداف التي حددها البرنامج السعودي لكفاءة الطاقة. يجدر بالذكر ان الشركة السعودية للصناعات الأساسية هي إحدى الشركات التابعة لأرامكو السعودية، وهي أيضًا أكبر شركة لتصنيع البتروكيماويات في العالم.
  5. حققت مجموعة ماجد الفطيم المالكة والمطورة لمراكز التسوق والتجزئة والمؤسسات الترفيهية في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، انخفاضاً في استخدام المياه بنسبة 7٪، وزيادة في معدل اعادة التدوير بنسبة 32٪، وانخفاض في انبعاثات الكربون بمقدار4٪.

ومن الواجب على الشركات الخاصة تركيز جهودها في المحاور التالية:

  1. الحصول على اعتماد يتعلق بالتوجه نحو الاستدامة البيئية.
  2. العمل على اعادة تدوير المياه المستخدمة.
  3. تطبيق أنظمة إدارة الطاقة.
  4. بناء وإنشاء تصاميم معزولة تستخدم الطاقة بشكل كفؤ وفعال.
  5. زيادة الوصول إلى مصادر الطاقة المتجددة.

ويجدر بالذكر أن هناك عائقين أساسيين:

  1. تمويل جهود البحث والتطوير والتي تعتبر أمرا جوهريا في هذا السياق.
  2. توسيع نطاق استخدام التقنيات المستدامة.

ضرورة الابلاغ عن جهود الاستدامة

أصبح أصحاب المصلحة والمعنيون أكثر وعياً بالبيئة ونمت لديهم الرغبة بمعرفة التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية التي تحدثها المؤسسات المختلفة. لذا، أصبح لزاما على الشركات إعداد التقارير والإبلاغ عن القضايا البيئية والاجتماعية وقضايا الحوكمة ومدى تأثيرها على أعمالهم.

تَعتبر مؤسسات القطاع العام والخاص والمؤسسات غير الربحية ومؤسسات المجتمع المدني تقديم التقارير التي تتسم بالشفافية أمراً في غاية الاهمية ويساعد على تحقيق ما يلي:

  1. إنشاء قاعدة مرجعية
  2. قياس التغيير في الأداء المتعلق بالقضايا البيئية والاجتماعية والحوكمة
  3. تحديد الأهداف ووضع الاستراتيجيات

خلاصة القول

ساهمت جائحة كورونا في تلقين العالم درسا حول أهمية المنعة والمرونة. ووفقًا لخبراء الاستدامة، فإن أزمة المناخ هي ليست اقل أهمية من أن تكون جائحة ويجب معاملتها كواحدة.

على الصعيد العالمي، فإن القرارات الجوهرية المتمثلة بإغلاق مباني المكاتب، والانخفاض الكبير في استخدام وسائل النقل، والعمل من المنزل قد أثبتت أن التغيير ممكن دائمًا.

وبحسب تقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية فمن الممكن أن تنخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في عام 2020 بنسبة 0.3٪ إلى 1.2٪، كما تشهد المدن الأوروبية والآسيوية انخفاضًا في مستويات ثاني أكسيد النيتروجين. إن المشاركة الحثيثة من قبل القطاع الخاص يعد أمرا بالغ الأهمية في محاولتنا للتخفيف من ومواجهة أزمة المناخ.

ترجمه: ريم المصري

حاصلة على ماجستير الهندسة الميكانيكية في تخصص الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة، مختصة وباحثة في السياسات الناظمة  لقطاعات الطاقة والمياه والبيئة، تدعم التحول نحو الاعتماد على المصادر المتجددة وتطوير الأعمال القائم على الاستدامة وعلى تعزيز القيمة الاقتصادية والاجتماعية.

Note: The English version of the article was published by egomonk on egomonk insightsThe curator and host of this series is Ruba Al Zu’bi

Tagged , , , , , , , . Bookmark the permalink.

About Ruba Al-Zu'bi

Ruba Al Zubi is a Sustainability Policy and Governance Advisor/Expert. She is a staunch advocate for policy-enabled action and has gained a unique experience in the areas of policy and planning, institutional development, sustainability mainstreaming into economic sectors, donor relations and research and innovation management. She recently served as Advisor to the President for Science Policy and Programme Development, Royal Scientific Society (RSS – Jordan). Prior to that, Ruba led the Scientific Research Department at Abdul Hameed Shoman Foundation, served as the first Policy Director at the Ministry of Environment, established and led several departments at the Development and Free Zones Commission, and served as the Chief Executive Officer of EDAMA Association for Energy, Water and Environment. In the nonprofit world, Al Zubi is a Plus Social Good Advisor with the United Nations Foundation and a Founding Member of Jordan Green Building Council. She is a global volunteer, mentor, speaker and blogger.

One Response to السعي نحو الاستدامة: جهود القطاع الخاص في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا

  1. William Edgar Smith says:

    Sustainability and CO2 emission reduction opportunities for MENA oil producing countries could make a bold and widely acclaimed step forward by integrating thermal waste recovery by waste gasification integrated with Enhanced Oil Recovery for CO2 sequestration, Hydrogen for Fuel Cell Vehicles, and use of recovered Carbon Monoxide for plastic production.
    The recovery of plastic waste using this concept holds the double benefit providing a technically sound means of recovering non-recyclable plastic while also converting poor quality feed stock to high purity Carbon Monoxide.

Leave a Reply to William Edgar SmithCancel reply

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.